responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 8  صفحه : 255
فِي الْقَلِيلِ لَمْ يَقْدَحْ ذَلِكَ فِي حُصُولِ الْمُوَافَقَةِ.
ثُمَّ ذَكَرَ تَعَالَى: إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْراهِيمَ فَرِيقَانِ أَحَدُهُمَا: مَنِ اتَّبَعَهُ مِمَّنْ تَقَدَّمَ وَالْآخَرُ: النَّبِيُّ وَسَائِرُ الْمُؤْمِنِينَ.
ثُمَّ قَالَ: وَاللَّهُ وَلِيُّ الْمُؤْمِنِينَ بِالنُّصْرَةِ وَالْمَعُونَةِ وَالتَّوْفِيقِ وَالْإِعْظَامِ وَالْإِكْرَامِ.

[سورة آل عمران (3) : آية 69]
وَدَّتْ طائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ لَوْ يُضِلُّونَكُمْ وَما يُضِلُّونَ إِلاَّ أَنْفُسَهُمْ وَما يَشْعُرُونَ (69)
اعْلَمْ أَنَّهُ تَعَالَى لَمَّا بَيَّنَ أَنَّ مِنْ طَرِيقَةِ أَهْلِ الْكِتَابِ الْعُدُولَ عَنِ الْحَقِّ، وَالْإِعْرَاضَ عَنْ قَبُولِ الْحُجَّةِ بَيَّنَ أَنَّهُمْ لَا يَقْتَصِرُونَ عَلَى هَذَا الْقَدْرِ، بَلْ يَجْتَهِدُونَ فِي إِضْلَالِ مَنْ آمَنَ بِالرَّسُولِ عَلَيْهِ السَّلَامُ بِإِلْقَاءِ الشُّبُهَاتِ كَقَوْلِهِمْ: إِنَّ مُحَمَّدًا عَلَيْهِ السَّلَامُ مُقِرٌّ بِمُوسَى وَعِيسَى وَيَدَّعِي لِنَفْسِهِ النُّبُوَّةَ، وَأَيْضًا إِنَّ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ أَخْبَرَ فِي التَّوْرَاةِ بِأَنَّ شَرْعَهُ لَا يَزُولُ، وَأَيْضًا الْقَوْلُ بِالنَّسْخِ يُفْضِي إِلَى الْبَدَاءِ، وَالْغَرَضُ مِنْهُ تَنْبِيهُ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى أَنْ لَا يَغْتَرُّوا بِكَلَامِ الْيَهُودِ، وَنَظِيرُ قَوْلِهِ تَعَالَى فِي سُورَةِ الْبَقَرَةِ: وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ لَوْ يَرُدُّونَكُمْ مِنْ بَعْدِ إِيمانِكُمْ كُفَّاراً حَسَداً مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ [الْبَقَرَةِ: 109] وَقَوْلُهُ وَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ كَما كَفَرُوا فَتَكُونُونَ سَواءً [النِّسَاءِ: 89] .
وَاعْلَمْ أَنَّ (مِنْ) هَاهُنَا لِلتَّبْعِيضِ وَإِنَّمَا ذَكَرَ بَعْضَهُمْ وَلَمْ يَعُمَّهُمْ لِأَنَّ مِنْهُمْ مَنْ آمَنَ وَأَثْنَى اللَّهُ عَلَيْهِمْ بِقَوْلِهِ مِنْهُمْ أُمَّةٌ مُقْتَصِدَةٌ [الْمَائِدَةِ: 66] ومِنْ أَهْلِ الْكِتابِ أُمَّةٌ قائِمَةٌ [آلِ عِمْرَانَ: 113] وَقِيلَ نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ فِي مُعَاذٍ وَعَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ وَحُذَيْفَةَ دَعَاهُمُ الْيَهُودُ إِلَى دِينِهِمْ، وَإِنَّمَا قَالَ: لَوْ يُضِلُّونَكُمْ وَلَمْ يَقُلْ أَنْ يُضِلُّوكُمْ، لِأَنَّ (لَوْ) لِلتَّمَنِّي فَإِنَّ قَوْلَكَ لَوْ كَانَ كَذَا يُفِيدُ التَّمَنِّيَ وَنَظِيرُهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: يَوَدُّ أَحَدُهُمْ لَوْ يُعَمَّرُ أَلْفَ سَنَةٍ [الْبَقَرَةِ: 96] .
ثُمَّ قَالَ تَعَالَى: وَما يُضِلُّونَ إِلَّا أَنْفُسَهُمْ وَهُوَ يَحْتَمِلُ وُجُوهًا مِنْهَا إِهْلَاكُهُمْ أَنْفُسَهُمْ بِاسْتِحْقَاقِ الْعِقَابِ عَلَى قَصْدِهِمْ إِضْلَالَ الْغَيْرِ وَهُوَ كَقَوْلِهِ وَما ظَلَمُونا وَلكِنْ كانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ [الْبَقَرَةِ: 57] وَقَوْلِهِ وَلَيَحْمِلُنَّ أَثْقالَهُمْ وَأَثْقالًا مَعَ أَثْقالِهِمْ [الْعَنْكَبُوتِ: 13] لِيَحْمِلُوا أَوْزارَهُمْ كامِلَةً يَوْمَ الْقِيامَةِ وَمِنْ أَوْزارِ الَّذِينَ/ يُضِلُّونَهُمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ أَلا ساءَ مَا يَزِرُونَ [النَّحْلِ: 25] وَمِنْهَا إِخْرَاجُهُمْ أَنْفُسَهُمْ عَنْ مَعْرِفَةِ الْهُدَى وَالْحَقِّ لِأَنَّ الذَّاهِبَ عَنِ الِاهْتِدَاءِ يُوصَفُ بِأَنَّهُ ضَالٌّ وَمِنْهَا أَنَّهُمْ لَمَّا اجْتَهَدُوا فِي إِضْلَالِ الْمُؤْمِنِينَ ثُمَّ إِنَّ الْمُؤْمِنِينَ لَمْ يَلْتَفِتُوا إِلَيْهِمْ فَهُمْ قَدْ صَارُوا خَائِبِينَ خَاسِرِينَ، حَيْثُ اعْتَقَدُوا شَيْئًا وَلَاحَ لَهُمْ أَنَّ الْأَمْرَ بِخِلَافِ مَا تَصَوَّرُوهُ.
ثُمَّ قَالَ تَعَالَى: وَما يَشْعُرُونَ أَيْ ما يَعْلَمُونَ أَنَّ هَذَا يَضُرُّهُمْ وَلَا يَضُرُّ الْمُؤْمِنِينَ.

[سورة آل عمران (3) : آية 70]
يَا أَهْلَ الْكِتابِ لِمَ تَكْفُرُونَ بِآياتِ اللَّهِ وَأَنْتُمْ تَشْهَدُونَ (70)
اعْلَمْ أَنَّهُ تَعَالَى لَمَّا بَيَّنَ حَالَ الطَّائِفَةِ الَّتِي لَا تَشْعُرُ بِمَا فِي التَّوْرَاةِ مِنْ دَلَالَةِ نُبُوَّةِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، بَيَّنَ أَيْضًا حَالَ الطَّائِفَةِ الْعَارِفَةِ بذلك من أحبارهم.
فقال: يَا أَهْلَ الْكِتابِ لِمَ تَكْفُرُونَ بِآياتِ اللَّهِ وَفِيهِ مَسَائِلُ:
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: لِمَ أَصْلُهَا لِمَا، لِأَنَّهَا: مَا، الَّتِي لِلِاسْتِفْهَامِ، دَخَلَتْ عَلَيْهَا اللَّامُ فَحُذِفَتِ الْأَلِفُ لِطَلَبِ الْخِفَّةِ، وَلِأَنَّ حَرْفَ الْجَرِّ صَارَ كَالْعِوَضِ عَنْهَا وَلِأَنَّهَا وَقَعَتْ طَرَفًا وَيَدُلُّ عَلَيْهَا الْفَتْحَةُ وَعَلَى هَذَا قَوْلُهُ عَمَّ يَتَساءَلُونَ [النبأ: 1] وفَبِمَ تُبَشِّرُونَ [الْحِجْرِ: 54] وَالْوَقْفُ عَلَى هَذِهِ الْحُرُوفِ يَكُونُ بِالْهَاءِ نَحْوَ: فَبِمَهْ، وَلِمَهْ.

نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 8  صفحه : 255
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست